تمثل الموازنة العامة البرنامج المالي للخطة الاقتصادية للدولة، والذي يهدف إلى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي تسهم في بيان مدى قدرة الحكومة على إحداث التوازن بين الايرادات والمصروفات، وقدرة الاقتصاد على تحقيق الاهداف الموضوعة سلفاً، ويقصد بالعجز الفرق بين الايرادات والمصروفات الحكومية، وتظهر البيانات الخاصة بتطور عجز الموازنة العامة للدولة في جمهورية مصر العربية؛ تطوراً غير مسبوق من حيث نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأخيرة، وكذا تطور معدل نمو ذلك العجز خلال الفترة (2007/2008 – 2013/2014).

عجز الموازنة العامة لجمهورية مصر العربية :

فقد بلغ عجز الموازنة أقصاه في العام المالي 2012/2013 ليصل إلى 239.9 مليار جنية، بما نسبته 13.8% من الناتج المحلي الاجمالي، الأمر الذي يعتبر نقطة فيصلية في تاريخ عجز الموازنة في الاقتصاد المصري الحديث، وقد بلغ متوسط نمو العجز خلال الفترة 22.7% وقد لا يدعو ذلك المعدل المرتفع إلى التعجب، حيث إن الظروف السياسية والاقتصادية التي تحيط بالبلاد كان لها أثراً جلياً ومعنوياً في تلك الحالة المتردية التي وصل إليها اقتصاد الدولة.

ومن خلال تحليل بيانات الموازنة العامة لجمهورية مصر العربية،ففي العام المالي 2012/2013 نلاحظ ارتفاع اجمالي المصروفات في الدولة من 471 مليار جنية عام 2011/2012 إلى 588.3 مليار جنية عام 2012/2013 وذلك بنسبة زيادة 25%، وقد زادت الايرادات ولكن بمعدل اقل من زيادة المصروفات حيث بلغت 350.3 مليار جنية عام 2012/2013 بنسبة زيادة 15.4%، مما أدى إلى الفجوة التي أثقلت كاهل الموازنة العامة للدولة، ويلاحظ أن تلك الزيادة في المصروفات جاءت نتاج زيادة بنود الأجور وتعويضات العاملين، والدعم والمزايا الاجتماعية، والفوائد المستحقة على الدولة.

وجاءت موازنة 2013/2014 على غير ما توقعه أغلب الخبراء، والذين كانت تكهناتهم تميل إلى ارتفاع نسبة العجز من الناتج المحلي الى 15%، غير أن المنح الخارجية والسياسات الضريبية حالت دون ذلك، فأسهمت بشكل واضح في انخفاض نسبة العجز وتقلصه ليصل إلى 185.7 مليار جنية مصري عام 2013/2014 بنسبة 9.1% من الناتج المحلي الاجمالي.

وعلى صعيد الموزانة الجديدة الخاصة بعام 2014/2015، فإن العجز المتوقع يبلغ 240 مليار جنية، بما نسبته 10% من الناتج المحلي الاجمالي، وذلك نتيجة انخفاض المنح المتوقعة إضافة إلى زيادة المصروفات المتوقعة من 742.1 مليار جنية إلى 789.4 مليار جنية.

وبناءاً على ما تقدم فإن الحكومة المصرية يتوجب عليها أن تخلق مصادر جديدة للايرادات لتغطية العجز لديها وعدم الارتكان أو التعويل على المصادر المؤقتة كالمنح؛ حيث أنها تأتي من منطلق سياسي بحت حيث أن دعم دول الخليج للاقتصاد المصري هو أمر طارئ لا ينبغي أن نعول عليه مستقبلا؛ حيث أنه إيراد غير مستديم ينبين علي عوامل سياسية واقتصادية خاصة، وأخيراً فإن ترشيد الانفاق يعد أحد المحاور المهمة التي يجب على الدولة مراعاتها لتجنب الزيادة المطردة وغير المتوازنة في عجز الموازنة العامة.

مقالات أخري:

اقتصاديات متفوقة وقودها القلق والخوف

انخفاض أسعار البترول وآثارها